الجمعة، 24 فبراير 2012

خبر عاجل : وزير الدفاع يعترف


خبرٌ عاجل : وزير الدفاع يعترف

جلس هو واسرته امام التلفاز ليتابعوا نشرة اخبار  الثامنة مساء.
لهفةٌ تتوغل بداخلهم  لمتابعة اخر ما يحدث في البلاد.
منذ أن ثار الشعب علي الرئيس الفاسد وارغموه علي التنحي عن منصبه وسلم جميع سلطاته لوزير الدفاع ( ابنه الروحي الذي تبناه عسكرياً منذ عشرين عاماً ) وحال البلاد يزداد سوءً .
الثوار يُقتلون يوماً بعد يومٍ والفوضة تنتشر وحالة من القلق والرعب تعم البلاد و الرئيس لم يُحاكم بعد ولا نظامه الفاسد. عدة تساؤلات وعلامات تعجب تجتاح اذهان المواطنين جميعاً .
يبحثون عن الحق والباطل
 من يحرس الخير ؟ ومن يحرس الشر ؟
من معهم ؟ ومن عليهم ؟
                            من مع  الثورة ضد الفاسدين ؟
ومن مع الفاسدين  ضد الثورة؟
من الوجه الصادق ؟ ومن هم الوجوه الخادعة ؟
 مر عام علي هذه الثورة ورقصت وجوه كثيرة تغيرت وبكت وثارت بعد الثورة ثم انقلبت عليها  من جديد .
 يتسائلون دوماً ما الخطب؟ ماهذا الذي يحدث ؟ ولما يحدث ؟
 هل وزير الدفاع فاسد هو أيضاً . وهل له مصلحة في أن يحمي رئيسه وقائده الفاسد. ما العمل ؟ ما الخطب ؟ اين الحقيقة؟

انتهت مقدمة النشرة الاخبارية بنغمتها المعروفة ثم ظهرت المذيعة علي الشاشة .
تَسَلَّطَ الضوء عليها فنظرت لعدسة المشاهدين ثم قالت :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشرة اخبار الثامنة مساء ننقلها اليكم الآن من تلفاز الدولة
اليكم الخبر العاجل قرر وزير الدفاع أن يلقي خطاباً يبرر فيه ما يحدث خلال العام الماضي .
نترككم الآن مع الخطاب .

تنحت المذيعة عن الشاشة الصغيرة  وطلَّ وزير الدفاع بالزي العسكري
نظر للعدسة
تنهد قليلاً ثم قال :
بسم الله الرحمن الرحيم
اوجه خطابي إلي هذا الشعب العظيم
وثوار هذه الأرض العريقة
نتابع جميعاً داخل المجلس الأعلي للقوات المسلحة  تطورات الأحداث في البلاد خلال الشهور الماضية .
نتابعها بل نشارك فيها ونخلقها منذ اندلاع هذه الثورة ضد الفاسدين .
نُظهِر دائماً الأسف الشديد لوقوع ضحايا ومصابين من ابناء الوطن في هذه الأحداث التي تعود بنا للخلف .
والحقيقة أن المجلس الأعلي هو المسؤل والمخطط والمدبر الوحيد لهذه الأحداث
 وكما يقول المثل الشعبي المعروف
" نقتل القتيل ونسير في جنازته " .
ففي ثورة الغضب المجيدة ثار الشعب طالباً الحرية والديموقراطية والعدالة الإجتماعية وتبين لكم أن القوات المسلحة التي هي جزء لا يتجزأ من هذا الشعب اتخذت موقفاً وطنياً يُسجل لها .
خُدِعتُم يا سادة.
 فقواتكم المُسلحة يحكمها قادة . وهؤلاء القادة هم اعضاء هذا المجلس المُكلف بإدارة البلاد من قبل رئيسكم الفاسد الذي هو قائدنا الأكبر أي كبيرُنا .
وتَحمَّل المجلس الأعلي مسؤلية إدارة البلاد في هذه المرحلة الإنتقالية التي تَلَتْ اسقاط النظام الفاسد والذي نحن جزء لا يتجزأ منه .
 وبدأت سلسلة من الجرائم المأساوية في إطار إجهاض هذه الثورة العظيمة.
ورددنا مراراً وتكراراً أن المجلس الأعلي للقوات المُسلحة  هو من حمي الثورة
وصدقتم هذه الدعابة
فاسمحوا لي أن أرد علي هذا الهراء  بكلمة واحدة
" ها أو أو آو"
العكس صحيح يا سادة نحن من مصلحتنا أن نحمي قائدنا الذي كنا ننتمي لنظامه الفاسد .
ونجهض الثورة التي تهدف لكشف الفساد وملاحقة الفاسدين ومُحاكمتهم .
كيف نحمي ثورة اندلعت لتقضي علينا .
نحن من كبار الفاسدين .
نعم هذه هي الحقيقة التي قررت أن اعترف بها بكل شجاعة .
وأنا في كامل قواي العقلية
نعم لقد سئمت من افعالنا نفضل مصلحتنا وسمعتنا علي مصلحة هذه الأرض العظيمة .
تباً لنا ولسُمعتنا المجد للشهداء ولهذه الأرض العريقة.
الثورة مُستمرة رغماً عن انفي وانف الفاسدين.

انا مستعد للمحاكمة والعقاب ولدي مستندات تدين النظام الفاسد بأكمله وتكشف عن جميع افراده .
وختاماً
نموت نموت  نُحاسَب نُحاسَب  نُعدَم نُعدَم
 وتحيا بلادنا وتبقي عريقة وعظيمة كما عاهدناها دوماً .
الله الوطن الوطن

بعد ان انهي الوزير خطابه وقبل أن ينقطع البث عنه اخترقت صدره رصاصة غدر تلقاها بابتسامة وردد الشهادة
" أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن مُحمد رسول الله"

أخذ الشاب يبكي ويصرخ :
ـ الله أكبر الله أكبر
عاش فاسداً ومات شهيداً
عاش فاسداً ومات بطلاً
الله أكبر
سيذكرك التاريخ يا بطل وسيصفق لك .
ثم اخذ يصفق بحرارة حتي نظرت له امه بدهشة وصرخت في وجهه :
ـ لما تصفق يا آبلة ؟
هل يعجبك هذا الكلام؟
ـ بالطبع يعجبني لقد اعترف البطل بفساده وفضل مصلحة البلاد علي سمعته ومصلحته الشخصية وقدم حياته فداء لهذا الوطن .
ـ اعترف بماذا ؟ يا لك من مسكين لقد جننت يا قرة عيني
من الواضح أنك كنت غارقاً في حلمك
دعك من احلام اليقظة ودعني اخبرك بما قال
في بداية الخطاب القي بتحية لشهداء الثورة كعادته
ثم اخذ يطربنا بنغمات تردد
نحن من حمينا هذه الثورة والخ الخ
وفي النهاية تحدث عن قلة مندسة تثير الشغب واشار الي ان من بين الثوار مجموعة فوضوية وجهات ممولة من الخارج تهدف لاسقاط الدولة
والوقيعة بين الجيش والشعب والشرطة
ثم ... الخ الخ الخ الخ الخ الخ

لم يستمع لباقي حديثها فهو يعلمه جيداً
وقال لنفسه
" هل احتاج بالفعل الي اعتراف من المجرم كي اصدق انه مجرماً
لست بهذه السذاجة
فلدي عقل يعمل يفكر ويحلل ويستنتج الحقيقة
نعم لسنا في حاجة لاعترافات
بل في حاجة الي عقول تستنتج الحقيقة من افعال الأخرين وتفكر وحدها ولا تعطي فرصة لاحد أن يجرها كالماشية الحمقاء "

................................................................
تمت

 
............................
قلم ـــ أشرف ثروت

هناك 6 تعليقات:

  1. فعلا ذوى العقول مش محتاجين اعتراف من مجرم عشان نصدق انه مجرم

    ولكن ما كثرة العقول المشوشة فى عهدنا و يرديدون ان يعترف كل ذو خطأ ع نفسه كى يصدقون انه اخطأ


    نقلت الواقع كعادتك بأسلوب ممتع :)

    ردحذف
    الردود
    1. عندك حق هي فعلاً عقول مشوشة
      واحياناً عقول تابعة تخضع للقوي وتصدقه بدون تفكير

      اسعدني مرورك وتعليقك جداً
      نورتي :)

      حذف
  2. جميلة
    عجبني خلط الواقع بالخيال
    ومشهد قتله واستشهادة
    فانتازيا لطيفة
    :)

    ردحذف
    الردود
    1. عندك حق
      مجرد اننا ننتظر التضحية والبطولة من ناس ابعد ما يكونواعن حب الوطن ماينفعش يكون غير خيال أو فانتازيا
      للأسف الواقع أكثر تعقيداً و مرارة

      نورتيني بمرورك ورأيك اسعدني جداً : )

      حذف
  3. عجبتنى جدا فكرتها
    حسستنى ان ف حلم وان وزير الدفاع فعلا يعترف بس اعتقد ان الناس مش محتاجة اعترافه
    عجبنى جدا اسلوبك واتمنى الا تكون مقل لان اعمالك تمتعنا

    ردحذف
    الردود
    1. مُقل ؟ واعمالك ؟ مرة واحدة
      ايه الكلام الكبير ده :]

      عموماً هو اخرنا يكون حلم يا نونو
      و عشان يعترف مافيش قدامنا غير احتمالين :

      يا اما نكون احنا بنحلم
      يا اما يكون هو في الاخرة
      ( انا افضل الاحتمال التاني )

      بس برة الاحتمالين دول مافيش قدامنا غير عقولنا عشان نستنتج الحقيقة المُرة

      نورتيني يا نونو : )

      حذف